الصورة الشعرية في أعمال محمد حسين هيثم
تتعدد بُنية الصورة الشعرية في أعمال محمد حسين هيثم. منها ما يندرج في سياق الصورة الشعرية الاستعارية. ومنها ما ينتمي إلى نسق الصورة الشعرية الحسية.
[1ــ1]: الصورة الاستعارية التشخيصية
من أبرز تجليات الصورة الاستعارية التشخيصية في شعر محمد حسين هيثم، هذه الصورة، التي أضفى فيها على مدينة “عدن” سمات إنسانية. فصارت قادرة على أن تتألم، وتحزن وتبكي، من أهوال الصراع بين بنيها:
“كنتِ تبكينَ
وحدكِ تبكينَ
كنتِ تقولينَ حَشْدَ جنونكِ
تصغين”(1).
لقد صوَّر الشاعر ــ هنا ــ مدينة “عدن”، في هيئة امرأةٍ حزينة. وذلك؛ للإيحاء من خلالها برؤيته المتعاطفة معها. إذ يستعيد مع المدينة/ المرأة بعض تصرفاتها (البكاء) وتكراره مع تقديم الحال (وحدك) يشخص المعاناة التي وقعت فيها مدينة (عدن) في أثناء صراع 86م، وفي مشهد ذاك الصراع الذي يبعث الجنون، وتقاسي ويلاته وحيدةً، تحاول أن تجد تفسيرًا لما هي فيه من محنة، فتصغي لعل أحدًا يكشف لها السر(2).
[1ــ2]: الصورة الاستعارية التجميدية
من نماذج الصورة الاستعارية التجميدية في شعر محمد حسين هيثم، ما قام الاشتغال الشعري فيه على التجميد الجزئي. من مثل تجميد القلب، وتجميد العين.
[1ــ2ــ1]: تجميد القلب
يتجلّى “القلب” في صورة جمادٍ في قول الشاعر، من قصيدته “مرثية الفتى (م)”:
“ها أنتَ تخرجُ مُلتحفًا جلدَكَ المأتمي
منتعلًا قلبكَ الآنَ
محتشدًا في القطارِ الأخير”(3).
جُمِّد القلب في هذه الصورة، في هيئة حذاءٍ لصاحبه. وذلك؛ تصويرًا لانكسار العاطفة انكسارًا ذاتيًّا متعمدًا. حين يدوس الفرد قلبه، محاولًا التعايش مع الواقع ومعاناته، غير ملتفتٍ لطبيعة القلب والعاطفة والضمير. وما يتعلق بذلك، من آلامٍ باحثة عن مجالٍ للتحرر والإفصاح بمعاناة الذات وأشجانها.
وتتجلى في هذا التجميد إيحاءاتٌ متعددةٌ بأسبابه. ومنها الإيحاء بقسوة المحيط الاجتماعي والسياسي. تلك القسوة، التي تحارب في الذات كل انطلاق للحرية التعبيرية عن معاناتها وآلامها. فلا تقوى الذات على ذلك، فيكون التجميد للقدرة على هذا الانطلاق هو الاختيار المؤلم في أقسى مستوياته إهانةً وإذلالًا. ذلك؛ حينما ينتعل الفرد قلبه الذي يمثل أغلى رمزية للكرامة والعزة.
[1ــ2ــ2]: تجميد العيون
ينتقل الشاعر محمد حسين هيثم بالعين، من سياقها الحيوي، إلى سياقٍ جامد. في قصيدته “ثلاث مقترحات بقصيدتها في دمه”؛ إذ يقول:
“قد يسقط من دمعتهِ
ويُعَلِّقُ عينيهِ على الحائط”(4).
انتقلت العيون ــ هنا ــ من طبيعتها الإنسانية الخاصة إلى الطبيعة المادية الجامدة. ولم تبق في مكانها من الوجه بعد تجميدها، وإنما انفصلت عن الجسد البشري موغلةً في التجميد. وذلك؛ بأخذها ماهية الجماد وماديته في قابليتها للتعليق على الحائط. مثلها كمثل المقتنيات المادية الجامدة؛ إيحاءً بأمنية الإنسان في أن يستطيع التخلص من أحزانه، كما يتخلص من أشيائه ومقتنياته.
[2]: الصورة الحسية
وظّف الشاعر محمد حسين هيثم تقنية التصوير الحسي، في استيعاب عددٍ من مضامين تجربته الشعرية. كاستئناسه بالصورة الشمية، والصورة الذوقية، والصورة الحركية. ومثل ذلك استئناسه بالصورة الحسيّة المتراسلة.
[2ــ1]: الصورة الشميَّة Olfactorymage
من سياقات الصورة الحسية ذات الطبيعة البصرية في تجربة الشاعر محمد حسين هيثم هذه الصورة، التي استوعبت أحزانه على رحيل الشاعر القرشي عبد الرحيم سلّام(5)، يقول:
“ها إنَّا
نكبُرُ في “دانِك”
كي نبكي ثانيةً
قبوات الكاذي
تحت مناديل العدنيات
ونذهبُ فيكَ إليكَ
ونرجعُ دونكَ”(6).
فقد كانت وفاة المرثي باعثَ حزنٍ وألم، في ذوات محبيه. وطغى أثرها على مظاهر الحياة كلها. بما في ذلك جوانبها الجمالية؛ إذ فارق “الكاذي” جمالية رائحته العطرة. وارتبط البكاء على ذلك بالبكاء على الراحل. وفُقِدَ الإحساس بتلك الجمالية، مع ما فيها من كثافةٍ وجوديةٍ سائلةٍ، أحالت عليها “مناديلُ العدنيات”، وهي تعتلي فعل البكاء حزنًا وتألُّمًا بغياب هذا الإحساس الجمالي. وذلك؛ امتدادًا إلى ألم الحسرة على أبدية غياب المتوفّى. ذاك، الذي كانت حياته حياةً للإحساس بالجمالية العاطرة. لذلك؛ كان موته موتًا لهذا الإحساس وانتفاءً لمعناه ووظيفته، واقترانًا لحضوره بالأسى والألم الوجداني الحزين.
وأوحى هذا التصوير بفداحة الخسارة المترتبة على تواري المتوفّى، ووحشة الفراغ الذي يُصابُ به الإحساسُ بمكونات الجمال. تلك المكونات، التي تكتسب وظيفةً مناقضةً لطبيعتها ووظيفتها الجوهرية. وذلك؛ بإثارتها مشاعرَ الحزن والألم، التي برزت غلبتُها الجلية على العطور ومصادرها النباتية، في سياقات متعددة من التجربة الشعرية اليمنية المعاصرة.
[2ــ2]: الصورة الذوقية Gustatory Image
لنسق التصوير الذوقي حضوره الشعري في تجربة الشاعر محمد حسين هيثم. من مثل طعم الملوحة، الذي أضفته الشعرية على المعاناة والحزن في قول الشاعر:
“الآنَ جثتهُ على بابي،
ويسألني بلادًا،
سوفَ تقطفُ نبضتي
وترُجَّني في حزنِها الملحي”(7).
جاء الحزن مالحَ الطعم، في هذه الصورة التي اختار الشاعر فيها أدقّ هيئةٍ حسية مجسدةٍ لماهية مذاقها المالح. فكان البحر هو الحزن المالح، الذي يُرَجُّ الشاعرُ فيه.
ويتضح أن عملية الرج، التي يتعرض لها الشاعر، في بيئةٍ مالحة، هي عملية داخلية، تعتمل في ذات الشاعر نفسه. فلا يعود الضمير في (جثته) إلا على الشاعر ذاته. وذلك؛ استضاءةً بقوله، في موضع آخر من القصيدة نفسها:
“هو المحمدُ ..
ــ يا محمدُ
كيف تبني من هديلك سُلمًا للرعد؟”(8).
فذات الشاعر تُسائل ذاته. وترجّها في بحر من الأحزان المالحة، التي جسدت بهذا المستوى من التوصيف رؤية الشاعر في البلاد وأوجاعها. ورؤيته في أحزان الوطن، التي صارت مالحة المذاق.
والملوحة في طبيعتها عامل موتٍ للخصوبة؛ لفاعلية الملح في الإجهاز على الكائنات البيولوجية الدقيقة، المسؤولة عن إحداث التلاقح واطّراد الحيوية في التوالد المتجدد. واتِّسام الحزن بالملوحة إيحاءٌ بعقمه، وفقدانه القدرة على ميلاد الرؤى. وعجزه عن ميلاد ردود الأفعال السلوكية، التي تنقذ البلاد من واقعها المظلم، وتحررها من عوامل الحزن المستفحلة فيها.
ويبدو في رؤية الشاعر هذه نوعٌ من التأثر برؤية الشاعر نزار قباني، في القصائد وضفائر النساء؛ إذ يقول:
“مالحةٌ في فمنا القصائدْ
مالحةٌ ضفائر النساءْ
والليلُ، والأَستارُ، والمقاعدْ
مالِحةٌ أمامنا الأَشياءْ”(9).
فالقصائد هنا في شعر نزار قبّاني، موسومة بمذاقها المالح؛ إيحاءً بعقمها عن ولادة أفكارٍ ملهمةٍ قادرةٍ على إحداث تغير جوهري في واقع الأمة السلبي الحزين. وهو تأثر إبداعي جسّد اتساقًا فنيًّا في تصوير إحباطٍ عربيٍّ عام. تتداعى إيحاءاته بعقمٍ شاملٍ أصاب الأمة؛ فعجزت عن ولادة المنشود، من عوامل نجاتها وانعتاقها من دياجير واقعها البائس.
[2ــ3]: الصورة الحركية Kinasthetic Image
يمثل الجسم ــ بحيويته وتنوع وتعدد قدراته الحركية ــ أحد المجالات، التي تتجسد من خلالها فنية الصورة الحركية.
[2ــ3ــ1]: “عبد العليم”، وحركية موته في شعر هيثم
تتجلّى حركية التصوير الشعري، في تعبير محمد حسين هيثم عن حال شخصيته الرمزية “عبد العليم”، إذ يقول فيها:
“وعبد العليم عليمٌ بكل أصول الضيافة
حتى إذا مات
يحمل قهوتهُ
يوزعُها بيديه
ويعزي المُعزِّين
ثم يهيئ أكفانهُ
ويسيرُ مع النعشِ
في أول الصفِّ
يمشي ثقيلَ الصدى
صامتًا
ويحوقلُ
يذرفُ أوقاته كلها
دفقةً … دفقة
ثم من فتحة القبرِ ينزلُ
مُعتذرًا
أنَّهُ يشغلُ الآخرينَ بأوهامهِ
ويسببُ للناس هذا التعب”(10).
كان لجسد “عبد العليم” ــ هنا ــ فاعليته، في بلورة مفاصل ومكونات هذه الصورة الحسية. التي قامت على أنساقٍ، لمشاهدَ ضاجةٍ بالحيوية والحركة.
ويبدو اكتناز هذه الصورة بسمة الحداثة الشعرية، التي يجسدها الانفتاح على الأجناس الفنية الأخرى. فعلى ما فيها من محافظةٍ على مستوىً معين من اللغة الشعرية ــ التي بثتها بنية بعض الجمل، من مثل (ثقيل الصدى/ يذرف أوقاته) ــ إلّا أنها انفتحت انفتاحًا واسعًا على فن “السينما”. فكان لتقنيات السينما مركزية وظيفية في بنائها، فعبد العليم بطلٌ، واتته البطولة من تضافر المشاهد السينمائية وارتباطها به. وذلك؛ من خلال لقطات حركيته المتتابعة، المشحونة بميزة الاستمرار والحيوية بصياغاتٍ فعلية مضارعة، قامت عليها فنية الحركة المتشابكة في عناقيد هذه الصورة: (يحمل قهوته/ يوزعها بيديه/ يهيئ أكفانه/ يسير مع النعش/ من فتحة القبر ينزل).
[2ــ3ــ2]: مفارقة تصويرية
لقد قامت هذه اللقطات التصويرية، على مفارقةٍ جمالية مخالفة للسائد. كان موت عبد العليم أرومة هذه المفارقة، التي تشكّلت ــ من خلالها ــ فنية التناقض بين المشاهد الحركية المنسوبة لميتٍ مجبولٍ على انتفاء قدراته على فعل ذلك.
وباتكاء هذه المفارقة على التقنيات السينمائية شُحِنت اللقطاتُ التصويرية بثراءٍ إيحائيٍّ؛ “فهذه طريقة مبتكرة في تناول التجربة الشعرية وتصميمها وإخراجها، حيث تعتمد على الحدث الدرامي البصري لا على الحكي أو السرد أو الغنائية التقليدية المعهودة، حيث يصل المتلقي إلى دلالات وإيحاءات متعددة من خلال اكتشافه هو لعلاقات اللقطات وترتيب الأحداث مما يعطيه زادًا وافرًا من القدرة على المتابعة المؤدية إلى لذة الاكتشاف”(11).
لذلك، فإن مما يمكن الوصول إليه ــ من لذة الاكتشاف في هذه الصورة ــ هو إيحاءاتها برمزية ما يعانيه أرباب الكلمة “في الدول المتخلفة، وبخاصة الدول العربية، فمن أتقن فن الكتابة بحق أتقن أدوات نفيه وحبسه وربما قتله، وبذلك تكون طقوس الموت التي تحدث عنها الشاعر رموزًا للاستعدادات التي يقوم بها الكاتب بعد صدور الكتابة الهادفة، فيهيئ أكفانه المعادل الرمزي لأوراقه ويذرف أوقاته المعادل لعمره، ثم يدلج القبر المعادل للسجن، بدعوى أنه يزعج الآخرين بأوهامه؛ ومما يزيد الرمز عمقًا هو تسمية الشخصية بعبد العليم، إيحاء بعلمه ودقته في معرفة الواقع، وفضحه وكشفه لأساليب الغواية فيه، التي تكون سببًا في طرده ولعنه”(12).
وبذلك، فإن الشاعر من خلال هذه الصورة قد تمكن من بلورة رؤيته الممزقة باليأس والإحباط. وفي ذلك، تكمن إحدى ميزات الشعر اليمني المعاصر في تصويره الحركي، الذي من سمات جدَّته وحداثته إسهامه في تجسيد رؤية الشاعر(13).
[2ــ3ــ3]: السينما والصورة الشعرية
يبدو أن انفتاح القصيدة اليمنية المعاصرة على تقنيات السينما في بناء الصورة الحركية، أكثر حضورًا في شعر محمد حسين هيثم. إذ قامت كثيرٌ من قصائده على لقطات تصويرية حركية. بل قد يقوم ديوانٌ كاملٌ بمجموع قصائده على هذا الانفتاح. من مثل حركية العبور المتكرر، في ديوانه “رجل ذو قبعةٍ ووحيد”، الذي كان لدال العبور فيه فاعليته؛ إذ “تتكئ عليه بقية الدوال في انتشاراتها، فالعبور مولِّد دلالي مهيمن على أكثر من مستوى حتى في تقنيات الفراغ داخل المقاطع، أو فيما بينها أو في طبيعة الترتيب على الورق”(14).
وتمثل هذه السمة في شعر هيثم حضورًا لبعضٍ من تفاصيل ميله إلى فن السينما. فقد كان حريصًا على متابعة هذا الفن، حتى وهو في مكتبه في “مركز البحوث والدراسات اليمني”. كما كان ميله هذا مرفودًا بمتابعةٍ نظرية قراءةً واقتناءً للكتب المرتبطة بفن السينما(15).
ويبدو أن القصدية في هذا الاهتمام والتكثيف الحضوري لتقنيات السينما في شعره واردة؛ رغبةً منه في التجديد الفني. كون انفتاح الأجناس الجديدة على بعضها، يمثل سمة جديدة من سمات الإبداع الشعري المعاصر.
[2ــ4]: الصورة الحسية المتراسلة
من مسارات التصوير الحسي في شعر محمد حسين هيثم، ما نحى فيه منحى التراسل بين الحواس.
[2ــ4ــ1]: التراسل اللمسي إلى الإحساس البصري
من ذلك انتقاله بكيفية السخونة اللمسية المتقدة، إلى مدرك حسيٍّ من مدركات الحاسة البصرية، التي كان إحساسها بصفته اللونية الزرقاء تجسيدًا لهذا التراسل الحسي، في قوله:
“ملكٌ
وذاكَ الشاطئُ الذهبيْ
تلكَ ظهيرةٌ عدنيةٌ زرقاء
تلكَ ظهيرةٌ للذئبِ
تحسرُ ثوبَها في بهويَ الملكيِّ”(16).
ففي زرقة سخونة الظهيرة تمحور التراسل من الإحساس اللمسي إلى الإحساس البصري. وبامتداد دلالات الظهيرة وأبعادها استقام معمار هذا المقطع الشعري. الذي اتسمت فيه الظهيرة بخصوصيةٍ مستمدةٍ من خصوصية المكان. فإلى مدينة عدن تنتمي هذه الظهيرة، التي ترتفع سخونتها حتى تصل إلى أوج شدتها المتزامنة مع انتصاف كل نهار من نهارات هذه المدينة. وهي ظهيرة ذات خصوصية مادية، متجسدة في زرقة لونها، المستمدة من ارتباط هذه المدينة بالبحر المسكون بها والمسكونة به.
وفي هذه الخصوصية المادية تجلت وحدة الأثر النفسي، الذي يحدثه الإحساس بظهيرة المدينة لمسًا. والإحساس بزرقة بحرها بصرًا. إذ يتمثل هذا الأثر في الإحساس المخيف بالموت، الذي تشكّل من وحشيته ذئبٌ ينقضّ على حياة الإنسان. وتتناسل من هذا الإحساس مشاعرُ حزنٍ مبهمةٌ، ملسوعة بارتباط سخونة الظهيرة العدنية وزرقتها برعب الموت. ذلك؛ من خلال انتمائها إليه، فهي ناره المتوقدة، في كينونة الإنسان والمكان.
[2ــ4ــ2]: الموت فكرةً وذئبًا
تبدو البراعة الشاعرية، في تشكيل هذا البناء الفني من أبعاد زمنية ومكانية خاصة: (الظهيرة/ عدن/ البحر). وهي أبعادٌ ذات طبيعة متوائمة مع كنه أحاسيس الشاعر. وفاعلةٌ في تأجيجها؛ إيحاءً بتصارع الشاعر مع فكرة الموت ومعاناته لحتميتها، وارتباطها بإحساس الإنسان بكينونته ومعايشته لوجوديته.
ويمثل حضور فكرة الموت في هذا التصوير الشعري تجليًّا لكثافة امتدادها سياقًا متناميًا في شعر محمد حسين هيثم، الذي يبدو في ذروة تناميه، في هذا التصوير، بل وفي القصيدة التي تضمنته “نار الذئب”. ذلك؛ لأن هذه القصيدة واحدة من آخر قصائد الديوان الأخير “على بعد ذئب”، الذي هيمنت فيه الإيحاءات بذئبية الموت. كما هيمنت الأحاسيس المرعَبة بانقضاضاته المتوالية، ومؤشرات دنوه من ذات الشاعر، الذي لم يمهله الموت حتى يرى أحاسيسه ــ تلك ــ نسقَ حزنٍ، تنتظم فيه قصائدُ هذا الديوان، الذي طُبع بعد وفاته.
- محمد حسين هيثم، “الأعمال الشعرية الكاملة”. إصدارات وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، 1425هـ ـــ 2004م، ص: (272). ↩︎
- علي حمود السمحي، “داخل أزال خارج صنعاء، دراسة لخطاب المدينة في الشعر اليمني الحديث”. إصدارات وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، 1425هـ ــ 2004م، ص: (179). ↩︎
- محمد حسين هيثم، “الأعمال الشعرية الكاملة، مصدر سابق، ص: (342). ↩︎
- نفسه، ص: (191). ↩︎
- القرشي عبد الرحيم سلام (1936 ـــ 1998م): شاعر وكاتب مسرحي، ولد في قرية حالزه، في محافظة تعز، تلقى تعليمه الأولي في كتاتيب قريته، ثم انتقل إلى عدن والتحق بمدرسة “بازرعة”. عمل في التدريس من 1959 حتى 1964 في عدن. ثم عمل سكرتيرًا لتحرير صحيفة الشرارة المسائية، التي كانت تصدر في عدن. وعمل سكرتيرًا كذلك لتحرير مجلة الحكمة. وهو عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين. وله إسهاماته في الشعر الغنائي، ولم تجمع قصائده. إصداراته الأدبية: “تراتيل سبئية”، “السماء تمطر نصرًا”، “شرفة الأحلام”، “صلاة التراب”، “مرايا الشوق”، “إيقاعات قداس معيني”، “وأمنح قاتلي وردًا”. ↩︎
- .محمد حسين هيثم، “الأعمال الشعرية الكاملة”، مصدر سابق، ص: (160،159).
الدان: لون تراثي حضرمي موغل في القدم، وقد اختلف الباحثون في تحديد تاريخ نشأته .. ويقر الكثير على أن ما وصلنا من كلمة دان وجدت في الأشعار كان عمرها أكثر من 500 سنة مضت. والدان كلمة مأخوذة من الدندنة. التي هي من الفعل الرباعي يدندن. ومن معانيها أن تسمع من الرجل نغمة أو صوتًا ولا تفهم ما يقول. ومن معاني الدندنة أيضًا: الأصوات التي يسمع لها رنين سواء كانت للنحل أم للزنابير والى هذا المعنى تشير بعض المعاجم اللغوية، وهو المعنى المفهوم المتقارب والمتوافق مع الواقع والروايات المسموعة لأكثر مغني الدان وشعرائه وملحنيه. ويبدو أن الدان مأخوذ من الدندنة المقصود بها الأصوات الموقّعة بالغناء، إذ يبدأ المغني يهمهم ويدندن بنغمات دان.. دان .. دان .. ليشكل بذلك صوتًا أو لحنًا ثم يتم تركيب عدد من الكلمات أو الأبيات الشعرية على ذلك اللحن، فاللحن هنا يسبق الشعر، وبمعنى آخر أن الدندنة (الصوت) هنا تسبق الكلام (الشعر). ينظر: مؤسسة العفيف الثقافية، “الموسوعة اليمنية”. ط2، صنعاء، 1423هـ ـــ 2003م، جـ2/ ص: (1286ـــ1294).
الكاذي: نوع من النبات، يعرف علميًّا باسم pandanus tectorius والذي يعني لب النخيل على اعتبار أن الكاذي شبيه بالنخيل؛ فهو من الفصيلة البندانية، ساقه قائمة وقليلة التفرع قرب القمة، له جذور دعاميَّة، وأوراقه ضيقة مستطيلة. وتعد شجرة الكاذي، من الأشجار المعمرة التي تنتمي إلى مجموعة كبرى من النباتات الزهرية تسمى ذوات الفلقة الواحدة. ويتواجد في اليمن والسعودية، وجنوبي آسيا والهند وأستراليا، وجزر هاواي، ويطلق عليه سكان هذه الجزيرة بـ “الهالة”.
ولأشجار الكاذي فروع، لكل فرع تاجٌ مكوَّنٌ من أوراق شبيهة بالسيوف، تنتشر الأشواك في أطراف الأوراق، ومعظم أشجار الكاذي لها جذور ركائزية تمتد من أعلى الجذوع أو الفروع إلى داخل الأرض، ولها أزهار بيضاء جذابة وعطرة، تندس بين الأوراق ذات لون أبيض يميل إلى لون اللؤلؤ. وتتميز هذه الأزهار بالرائحة الزكية الطيبة، إذ يطلق على نبات الكاذي سيد النباتات العطرية. ينظر: مؤسسة العفيف الثقافية، “الموسوعة اليمنية”، مرجع سابق، جـ4/ ص: (2435 ـــ 2438). ↩︎ - محمد حسين هيثم، “الأعمال الشعرية الكاملة”. مصدر سابق، ص: (148). ↩︎
- نفسه، ص: (149). ↩︎
- نزار قباني، “هوامش على دفتر النكسة”. منشورات نزار قباني، ط5، بيروت، 1970م، ص: (8). ↩︎
- محمد حسين هيثم، “الأعمال الشعرية الكاملة”. مصدر سابق، ص: (223،222). ↩︎
- محمد عجور، “الشعر وتقنيات السينما”. مجلة الرافد، إصدارات دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، العدد: (140)، ربيع الآخر 1430هــ ــ 2009م، ص: (59). ↩︎
- أحمد قاسم أسحم، “الرمز في الشعر اليمني المعاصر”. مكتبة أبي حامد، تعز، د.ت، ص: (332،331). ↩︎
- نفسه، ص: (81). ↩︎
- عبد القادر علي باعيسى، “ضمن الوجه، تكشفات قرائية في خصوصيات شعرية يمنية”. اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ــ صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر ــ صنعاء، دار حضرموت للدراسات والنشر ــ حضرموت، ط1، 1425هــ ــ 2004م، ص: (30). ↩︎
- ينظر: حسن اللوزي وآخرون، “عن هيثم الشاعر الرصين يرحل مبكرًا”. صحيفة 26سبتمبر، صنعاء، العدد: (1311)، 8 مارس 2007م،، ص: (8،7،6). ↩︎
- محمد حسين هيثم، “على بعد ذئب”. اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ط1، صنعاء، 2007م، ص: (88). ↩︎