الرواية وما بعد الحداثة في "طفل الثامنة والتسعين نصراني"

الرواية وما بعد الحداثة في “طفل الثامنة والتسعين نصراني”

الرواية وما بعد الحداثة في “طفل الثامنة والتسعين نصراني”

د. عبده منصور المحمودي

يقوم الاشتغال السردي، في رواية الكاتب والشاعر هاني الصلوي ــ “طفل الثامنة والتسعين نصراني”(1) ــ على توظيف عددٍ من آليات الكتابة السردية، التي تنتمي إلى ما يُصطلح عليه في النقد الحديث، بـ “ما بعد الحداثة”. وقبل تحليل مسارات التوظيف السردي لهذه الآليات، لا بد من إضاءة هذا المصطلح. ومثله مصطلح “الحداثة”، الذي منه كانت الانطلاقة الأولى لـ “ما بعد الحداثة”.

يحيل مصطلح “الحداثة “Modernism على تلك الرؤى، التي تعلي من شأن التنوير. كما تُعلي من مركزية العقل، وشأن الحقائق المطلقة. وترفض الشكل التقليدي، القائم على العلاقة الوثيقة بين الشكل والواقع. فالنص فيها نتاجٌ للفكر، وموَلِّدٌ له، ومواجهةٌ للواقع بالتجريد والإغراق في الخيال(2).

أما مصطلح “ما بعد الحداثة Postmoderism” فيحيل على ذاك الفكر القائم على التشكيك في المبادِئ والقِيَم التقليْديّة، التي قامت عليها الحداثة. من مثل: الموضوعيّة، والعقلانية، والتّقدُم. ويميل إلى قراءة الوَاقع كما هو، بتناقضاته المختلفة. كما يسعى إلى استيعاب صراعات الشخصيّات النفسيّة والفكرية، ويحتفي بالمهمّش والشعبي. ويمحو الفواصل والحدود بين الثقافة العليا والثقافة الجماهيرية(3).

[1]: هاجس المغايرة: التجريب، الحداثة وما بعدها

من خلال التأمل في تجربة الصلوي ــ على اختلاف مساراتها الإبداعية والمعرفية والنقدية ــ يتضح فيها نوعٌ من الاهتمام الملحوظ، بالاشتغال على أبعاد المغايرة، والاعتناء بهاجس التجريب، الهادف إلى اجتراح ما يمكن اجتراحُه، من صور التجديد والتحديث. تلك الصور، المكتنزة بغايات التجاوز لمسارات الحداثة إلى ما بعدها.

[1ــ1]: هاجس المغايرة في التجربة الشعرية

  يتجلى هذا البُعد في مسار تجربته الشعرية، من خلال آليات صياغته لعتبات العنونة الخارجية، في عددٍ من دواوينه. منها: ديوان “تعدين أذن بقرة”(4). وديوان “رقبة مسالمة تخرج من تحت أظافري”(5). وديوان “لا كرامة لمستطيل، ذلك الغيورة”(6).

كذلك هو الأمر، في اجتراحه شكلية الإخراج الطباعي، لديوانيه “غريزة البيجامة”، و”ما لا ينبغي أن يقال”. اللذين صدرا معًا”(7)، في كتابٍ واحد ذي غلافين. الغلاف الأمامي غلافُ ديوان “غريزة البيجامة”. والغلاف الخلفي غلافُ الديوان الآخر “ما لا ينبغي أن يقال”.

ومثل ذلك، ما تجلّى من هذا البعد، في الغاية التي يسعى إليها (الكاتب/ الشاعر)، من خلال “مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر”، التي يديرها؛ إذ نظمت عددًا من ملتقيات النص الجديد، “ما بعد قصيدة النثر”(8).

[1ــ2]: هاجس المغايرة في التجربة النقدية والفكرية والسردية

الأمر نفسه، هو ما يظهر في ميول الصلوي المعرفية والنقدية والفكرية، المسكونة بالرغبة في الإنجاز المغاير. من مثل اشتغاله على الحداثة ومساراتها المتناهية، في كتابه “الحداثة اللامتناهية الشبكية .. آفاق بعد ما بعد الحداثة “أزمنة النص ــ ميديا””(9).

وفي الإصدار الأول، من مسار الكتابة السردية في هذه التجربة، يتجلى هذا النسق الفني، في الرؤية التي قام عليها تسريد سياقات رواية “طفل الثامنة والتسعين نصراني”. ذلك؛ من خلال عددٍ من الإشارات المباشرة، إلى نسق “ما بعد الحداثة”، الذي تنتمي إليه هذه الرواية. من مثل الإشارة إلى الرغبة في جعلها “رواية تقدمية”(10)، والرغبة في أن تكون رواية “ما بعد حداثية”(11).

ثم يأتي تجسيد هذا النسق، في آليات تسريد السياقات والأحداث. ولعل أهم تجليّات ذلك ماثلة في: بنية الشخصية، والحيّز السردي، وبناء الفكرة والموضوع، وتعدد السرديات والمضامين. ومثل ذلك، هو تنوّع الإحالات المعرفية والثقافية، العامة والشعبية، التي قامت عليها سرديات المعرفة والثقافة الشعبية في هذا العمل.

[2]: بُنية الشخصية

تتمثّل شخصية البطل في “أحمد النصراني”، بما هو عليه من ماهيةِ “كائنٍ متعدد الأسامي والنعوت والكُنى”(12). وما يترتب على هذه السمة الـ”ما بعد حداثية” من التباس، وتعزيز للايقين، وتعقيد لتجربة القراءة.

[2ــ1] التباس البطولة والشخصية

بدأ اسم البطل موزعًا بين “عبده النصراني”، و”أحمد النصراني”، حتى حُسم الأمر لصالح الاسم الثاني، على لسان الشيوعي المصري الراحل “زكي حمدون”(13). ثم ظهر في اسم “ميمون الراهب”(14). ومثله اسم “سرور البينيان”، الذي يقول عنه البطل ذاته: “طبعًا سرور واحد من أسمائي غير الحسنى”(15)، مؤكدًا هذا التعدد في تسميته، بالقول: “عبده الذي هو أنا والذي هو سرور وأحمد النصراني”(16).

ولم يقتصر هذا الالتباس على تعدد أسمائه، بل امتد إلى بعض منها. من مثل الالتباس في اسمه “سرور”؛ إذ يشير إلى ذلك، بالقول: “أنا سرور ولستُ أحمد النصراني. سرور النصراني. لا…لا… لا سرور البينيان! سرور اليهودي… سرور فرحة!”(17). وقد تضمّن الهامش إضاءةً لهذا الالتباس: “تبدو مسألة سبب إطلاق اسم سرور على النصراني مرتبكة وربما كان الاسم تنظيميًّا محضًا ولا داعي إلى الإلحاح على التفسير والشرح واختلاق الأسباب وبيان التباساته باسم فرح المذكر اللفظي لفرحة”(18).

لقد تشتت البطل بين أسماء متعددة، وهو ما كان واعيًا عليه في إشارته إليه: “صرت شخصيات عدة في أحمد النصراني.. “.. أوزع جسمي في جسومٍ كثيرةٍ…”!… ها أنذا موزّع في بلد متفرقة ــ في ملاحم كثيرة ــ في جسوم كثيرة مثل عروة بن الورد”… كان عروة الصعاليك ما بعد حداثي…”(19).

وقد امتد هذا التعدد والالتباس إلى بعض شخصيات الرواية، فشخصية “بلقيس إفيجينا هي سافو!”(20). كما امتد إلى بُنية البطولة، التي لم تستقر على الشخصية الواحدة متعددة الأسماء (أحمد النصراني)، الذي توزع على أكثر من شخصية، فالتبست البطولة، وشملت اللغة السردية؛ بمعنى أن “اللغة في حد ذاتها هي الأبطال. فالكل يريد أن يحكي عن النصراني”(21).

[2ــ2]: تعدد الشخصيات

تجسّدت سمة التعدد ــ تلك ــ في عدد من الشخصيات الرئيسة والثانوية، التي وردت بكثافة ملحوظة؛ إذ تعددت شخصيات الفعل السردي والتدويني، منها شخصيات: “الدكتور وليد عبد الباسط حنبلة”، و”عبد الخالق عبد القيوم”، وأخيه “باسم”، وأخته “عبير”، و”عمر عيسى طربوش”، و”بلقيس إفيجينا”.

كذلك، تعددت شخصيات أسرة البطل، منها: أبوه “أحمد النصراني”، وأمه “مسك”، وجدّه “القاضي ناصر الزميكري”، وجدته “نور” زوجة جده الأولى، وجدته “كفاية” زوجة جده الثانية. وخاله “قايد”، وزوجة خاله “ملوك”، وابنهما “قاسم”، وابنتهما “بدرية”.

وتعددت الشخصيات المرتبطة بشخصية البطل، من مثل شخصيات: “راوية”، و”علوم”، و”سيف مهيوب”، و”درهم”، و”مهند”. ومثلها شخصيات العائلة اليهودية: “فرحة”، وأبوها “شكير”، وأمها “حسنة”. كذلك هي شخصيّتا الممرضتين: “إليس”، و”ماريا كاميرون”. ومثلهما الشخصيتان الإشكاليتان: “حسن الظن”، و”سوء الفهم”، اللتان تعدان حالَين إنسانيتين، من أحوال التأمل في النص. تحولتا إلى شخصيتين حقيقيتين، قبل أن يتلاشى حضورهما في اندماجهما في شخصيات أخرى. وهو ما يؤكد احتمالية توصيفهما، بأنهما ليسا سوى نموذجين لقارئ بسيط: قارئٌ يتفهم النص على ظاهره… وقارئ محترف يقرأ النص قراءة مجازية.

علاوة على تضمين العمل عددًا كبيرًا من الشخصيات والأسماء، التي ظهرت في مساحات متعددة من السياقات السردية. منها الشخصيات: “سعاد”، و”خيرية”، و”مزنة”، و”ياسمين”، و”جمال عبد الناصر”، و”إدوار جلازر”، و”سارتر“، و”إرنولد توينبي”، والسير “وليم جيمس”، و”جورج لوكاش”، و”تروتسكي”، و”إدموند جاييس”، و”بابلو نيرودا”، و”كفافيس”، و”فالتر بنجامين”، وغيرهم.

[3]: الحيز الروائي
[3ــ1]: الحيز الزمني

يتسم حيز الزمن في هذا العمل بنوعٍ من السعة في التعدد؛ إذ يمتد من القرن الثامن عشر حتى مطالع القرن الواحد والعشرين. وقد وردت أول إشارة تاريخية، في سياقِ نقدٍ لسلوكيات بعض المتواجدين في مناطق أثرية في منطقة “الجيزة” في مصر، والاستياء من اعتيادهم، على منع الزوار من الأماكن الأثرية والحضارية. وهو ما قاد إلى أن تستدعي ذاكرة أحد الزائرين البداية الأولى لهذه السلوكيات، التي تعود إلى أسلاف هؤلاء في 1761م(22).

كما ترد إشارة تاريخية من القرن التاسع عشر، إلى سنة إنشاء “مطبعة التواهي”، في مدينة “عدن”، عام 1854م(23). وعلى ذلك، فإن الحيز الزمني المحوري يتمثل في القرن العشرين. بدءًا من العام 1914، الذي أرخ الإشارة السردية إلى إلقاء “غاندي” خطابًا جماهيريًّا(24). وانتهاءً بالإشارة التاريخية، التي تضمنها العنوان الداخلي: “عدن 16 أغسطس 2000م يدٌ تبني ويدٌ …”(25).

[3ـ2ــ1]: الحيز المكاني

تنوّعت الأمكنة التي استوعبت أحداث العمل، بين محافظة “تعز” ومحافظة “عدن”. امتدادًا إلى مدنٍ خارجية، منها: “القاهرة”، و”الإسكندرية”، و”الجيزة”، و”موسكو”. مع مركزيةٍ مكانيةٍ لمدينة “عدن”، التي حظيت بمساحةٍ شاسعة، من الأحداث والسياقات السردية.

وُلِد بطل الرواية “أحمد النصراني”، في إحدى قرى محافظة “تعز”. ثم غادرها في سنوات طفولته الأولى، إلى مدينة “عدن”؛ إذ خشيت عليه أسرته من أن تفترسه موجة وباءٍ عصفت آنذاك بالقرية ومحيطها الريفي. حينها لم يكن الملاذ الصحي سوى في مدينة “عدن”، وإليها سافر الأب بالولد. ولأن العودة به إلى القرية غير ممكنة ــ بسبب حاله الصحية، التي لن تصمد في ظروف البيئة الريفية ــ اقتنع الأب ببقائه هناك، متداعيًا مع رغبة الممرضة “إليس” في رعايته؛ إذ اتفق معها على ذلك، وعلى بعض الأمور المتعلقة، بزيارته للولد، وأحقيته في استعادته متى شاء.

عاد الأب إلى القرية، وادّعى أن الطفل توفي. وبعد سنوات عاد به إلى القرية، معترفًا بالحقيقة التي صعقت الأسرة والقرية. تزوج البطل في قريته تلك. ثم عاد إلى عدن، وقضى زمنًا من عمره فيها، ليعود في الأيام الأخيرة من حياته إلى مسقط رأسه، حيث توفي ودُفن في ثراه.

[3ــ2ــ2]: تفاصيل الأمكنة

احتفت السياقات السردية، بعددٍ كبير من تفاصيل الأمكنة وأسمائها. كتفاصيل وأسماء كثير من المناطق في “عدن”. من مثل: “الشيخ عثمان”، وسوق “الحراج” فيه(26). و”المعلا”، و”الطويلة”، و”العريش”، و”الخساف”(27). و”العروسة”، و”نشوان”، و”ساحل أبين”(28). ومثل ذلك، هي مناطق: “الهاشمي”، و”العيدروس”(29). و”التواهي”(30). و”مقهاية زكو”(31). و”جبل حديد”(32). و”خور مكسر”(33). و”صالون السيدة صفية راجمنار بكريتر”(34).

كما ورد كثيرٌ من تفاصيل الأمكنة وأسمائها، في “تعز”. كالإشارة إلى عدد من المناطق الريفية فيها. من مثل: “مقبرة الصبوة”، في قرية “الأشعوب”(35). ومنطقة “الأثاور”، ومثلها “النجيدة”(36). وتفاصيل من مديرية “حيفان”، كقرية “الفحاح” فيها(37). وإحدى أشجارها المعمرة، المعروفة بشجرة “خصالة اللبيني”، قرب “الأعمور”، بين منطقتي: “الأحكوم”، و”الصافح”(38).

وفي السياق نفسه، ما ورد من تفاصيل أمكنة في “تعز” المدينة. كالحديث المتضمن إشاراتٍ إلى: “ديلوكس”، و”حوض الأشراف”، و”جولة القصر”(39). وما ورد من الأمكنة في محيط المدينة، وما حولها. من مثل: “خشبة الحوبان”، و”نقيل الإبل”، و”ورزان”(40).

[3ــ3]: عتبات الزمان والمكان

من تجليّات الحيّز السردي اقتران الزمان والمكان، في بعضٍ من العتبات الداخلية (العناوين). وباستثناء عنوان واحدٍ منها ورد في الجزء الثاني(41)، فإن الجزء الأول قد حظي بهذه العتبات الداخلية، التي توالت على هذا النحو: “غربة النبيذ تعز ذو الحجة 1994م”(42). و”نهضة العلوم ــ الغيبة الكبرى! عدن 7 يوليو 2000″(43). و”حمار الغصن الذهبي الأخضر عدن 9 يوليو 2000″(44). و”المزهر في المطْهر: ميرون ماريا ــ طريق سلطان ــ محجوب هافانا ــ تاريخ البروف سامر الأعور. عدن 9 يوليو 2000″(45). و”مقهاية زكو” عدن 21 يوليو 2000″(46). و”حفرتا الدقة … تاريخا المحاججة العالية شد المنتصر وترًا أغلظ! خاطب المغرر به بـ: … عدن 23 يوليو 2000″(47).

[3ــ4]: الحيّز الروائي و”ما بعد الحداثة”

يقوم التعاطي مع الحيّز الروائي (الزمان/ والمكان)، على نسق من القصدية الفنية، الهادفة إلى تخصيبه بسمات “ما بعد الحداثة”. إذ ترد الإحالة على ذلك، في هذا التوصيف، الذي اختزل ماهية الحيّز الروائي، وتداخلت هوية شخصية العمل فيه بين مكانين، بعد أن صار “تعزيًّا عدنيًّا فيما يتعلق بالمكان وتاريخه الملتبس”(48).

وقد تجلّت هذه الماهية “ما بعد حداثية”، في تشظي الحيز السردي، والزمني منه على وجه خاص؛ إذ تعدد واختلف باختلاف الأمكنة. وتشظى بين الماضي والحاضرِ والمسْتقبلِ؛ فأضفى ــ بذلك ــ نسقًا من اللامركزية، واهتزاز الثبات في حياة الشخصيات وتجاربها الإنسانية.

[4]: الفكرة والموضوع الروائي
[4ــ1ــ1]: الشيوعية

عالجت السياقات السردية فكرة “الشيوعية”، من خلال تسريد موضوعٍ متعلق بسيرة شخصية يمنية، ملتبسة بين هويتيها الواقعية والافتراضية. تكثّفت الإحالة عليها، من خلال الشخصية الرئيسة “أحمد النصراني”، الذي يُعد ــ وفقًا لسردية العمل ــ “أول من جلبَ الشيوعية إلى اليمن، بل أول من انتسب إليها من اليمنيين والعرب”(49). عن طريق معلمته “سافو/ بلقيس إفيجينا”، مترجمة كتاب “رأس المال” إلى اللغة اليونانية(50). تعرف إليها في عدن، وتعلم على يديها الفكر الشيوعي(51). وإليها تعيد السياقات السردية “الفضلَ في ضخ النهر الشيوعي في كبد عدن والمحيط العربي”(52).

ومن خلال هذه الفكرة الروائية وموضوعها، يُعلي تسريدُها من شأن الرواية، وأهميتها “في ميلاد الحركة الشيوعية في الوطن العربي قاطبة”(53)؛ لما تقدمه من سيرة مناضل أممي، تضمّنت “معلومات جديدة مفاجئة؛ ستغير لأجلها وبها ثوابت التاريخ العربي الحديث وعلى وجه الخصوص تاريخ الحزب الشيوعي في المنطقة العربية وعلاقته بالمحيط العالمي الشيوعي والرأسمالي”(54).

[4ــ1ــ2]: نقد الفكر الشيوعي

يأتي ضمن تسريد تجربة الفكر الشيوعي التعاطي مع بعضٍ من سلبياتها بالنقد الداخلي، الذي  أضفى على تسريد الفكرة نسقًا من الرؤية “ما بعد حداثية”. تجلى ذلك، في هذا الاستياء، الذي ورد على لسان “أحمد النصراني”، قائلًا: “من زمنٍ حلمتُ بالخروج من التنظيم! … أنا شيوعي أكبر من أن يحتويني حزب أو مليشيا. أؤمن بالشيوعية مبدأً للخلاص، لجمع الإنسان بأخيه الإنسان بحيث لا يكون بينهما صراع على تملك أية قطعة صغرت أو كبرت”(55).

ومثل ذلك، هي الرؤية النقدية، التي تحيل على الاستياء، من صور الإسراف والبذخ، التي آلت إليها حياة بعض أقطاب هذه التجربة، في سياق هذا التساؤل: “أمِنَ العدالة الاجتماعية المبالغة في الإكرام الواهم والضيافة ومن ثم رمي جل الأكل في القمامة بينما يموت الشعب المعدم من الفاقة”؟(56).

  1. هاني الصلوي، “طفل الثامنة والتسعين نصراني”. ط1، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، 2023م. ↩︎
  2. نبيلة إبراهيم، “قصّ الحداثة”. مجلة فصول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، المجلد السادس، العدد الرابع، 1986م، ص96. ↩︎
  3. فريد ريك جيمسون، “التحول الثقافي: كتابات مختارة في ما بعد الحداثة (1983 ــ 1998)”. منشورات أكاديمية الفنون، سلسلة الدراسات النقدية، القاهرة، 2000م، ص21ــ23. ↩︎
  4. صادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، 2014م.   ↩︎
  5. صادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، 2017م. ↩︎
  6. صادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، 2018م. ↩︎
  7. صادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، 2012م ↩︎
  8. عُقد في القاهرة، ملتقى النص الجديد “ما بعد قصيدة النثر”: الملتقى الأول 2010، والثاني 2011، والثالث 2012، والرابع 2013. ↩︎
  9. صادر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، 2015م. ↩︎
  10. هاني الصلوي، “طفل الثامنة والتسعين نصراني”، مرجع سابق، جـ1/ ص31. ↩︎
  11. نفسه، جـ1/ ص73. ↩︎
  12. نفسه، جـ1/ ص29. ↩︎
  13. نفسه، جـ1/ ص123. ↩︎
  14. نفسه، جـ2/ ص214. ↩︎
  15. نفسه، جـ1/ ص124. ↩︎
  16. نفسه، جـ1/ ص296. ↩︎
  17. نفسه، جـ2/ ص16. ↩︎
  18. نفسه. ↩︎
  19. نفسه، جـ2/ ص329. ↩︎
  20. نفسه، جـ2/ ص214. ↩︎
  21. نفسه، جـ1/ ص51. ↩︎
  22. نفسه، جـ2/ ص54. ↩︎
  23. نفسه، جـ2/ ص165. ↩︎
  24. نفسه، جـ2/ ص60. ↩︎
  25. نفسه، جـ2/ ص218. ↩︎
  26. نفسه، جـ1/ ص73. ↩︎
  27. نفسه، جـ1/ ص172. ↩︎
  28. نفسه، جـ1/ ص282. ↩︎
  29. نفسه، جـ1/ ص297. ↩︎
  30. نفسه، جـ1/ ص304. ↩︎
  31. نفسه، جـ1/ ص307. ↩︎
  32. نفسه، جـ2/ ص26. ↩︎
  33. نفسه، جـ2/ ص165،17. ↩︎
  34. نفسه، جـ2/ ص50. ↩︎
  35. نفسه، جـ2/ ص272. ↩︎
  36. نفسه، جـ1/ ص216،109. ↩︎
  37. نفسه، جـ2/ ص275. ↩︎
  38. نفسه، جـ1/ ص108. ↩︎
  39. نفسه، جـ1/ ص349. ↩︎
  40. نفسه، جـ1/ ص354. ↩︎
  41. هو هذا العنوان: “عدن 16 أغسطس 2000م يدٌ تبني ويدٌ …”. جــ2/ ص218. ↩︎
  42. هاني الصلوي، “طفل الثامنة والتسعين نصراني”. مرجع سابق، جـ1/ ص116. ↩︎
  43. نفسه، جـ1/ ص154. ↩︎
  44. نفسه، جـ1/ ص243. ↩︎
  45. نفسه، جـ1/ ص283. ↩︎
  46. نفسه، جـ1/ ص307. ↩︎
  47. نفسه، جـ1/ ص321. ↩︎
  48. نفسه، جـ2/ ص220. ↩︎
  49. نفسه، جـ1/ ص293. ↩︎
  50. نفسه، جـ2/ ص248. ↩︎
  51. نفسه، جـ2/ ص238. ↩︎
  52. نفسه، جـ1/ ص39. ↩︎
  53. نفسه، جـ1/ ص316. ↩︎
  54. نفسه، جـ1/ ص26. ↩︎
  55. نفسه، جـ1/ ص126. ↩︎
  56. نفسه، جـ1/ ص177. ↩︎

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *