غصنٌ من دمعِ “قابيل”
إلى أحفادِ “قابيل” المعاصرين مقامٌ من أنينه:
نَبَتَتْ لِتأْوِيْلاتِكمْ أظْفارُ،
واسْتَذْأَبَتْ أقصى النُّهى الأفكارُ
.
فالموتُ دسْتورٌ يُؤَدْلِجُ شَرَّكُمْ،
ولهُ تُؤَبْجَدُ فيكمُ الأدوارُ
.
كمْ تحْتَسونَ نبيذَ نشْوَتِكمْ دمًا!
كمْ مُهْجةً يَغْتالُها العَصَّارُ!
.
عنِّي توارَثْتُمْ جريمَتَكمْ، ولمْ
تَرِثوا أسى التأنيبِ، لم تحتاروا
.
فأخي قَتَلْتُ بِغِيْرةٍ بَسَطَتْ يدي
نحوي، بها قَتَلَتْنيَ الأقدارُ:
.
ندمًا، تَغَوَّلَ فيهِ ليليْ حَيْرةً،
وطواهُ مِنْ لحدِ الغُرابِ نَهارُ
.
أنْتُمْ ذَبحْتُمْ عِبْرتي؛ فَتَحَلَّلَتْ
زهْوًا تَهُزُّهُ فيكمُ الأغوارُ
.
قُربانُكُمْ للَّهِ معْصِيَتي التي
عنهُ نأى بيْ دربُها المُنْهارُ
.
أذكى الجمالُ غوايتي؛ فتَمَرَّدَتْ،
والقُبحُ فيكُمْ للفُجورِ شِعارُ
.
نَفَخَ الغُرابُ الحُزنَ توبةَ حَسْرتي،
فيكمْ تمادى الكِبْرُ والإصرارُ
.
.
مِنْ كُلِّ أرْضٍ تَسْفكونَ نقاءَها،
صَعَقتْ رُفاتي عنْكُمُ الأخبارُ
.
في قِعْرِ صمتي يبْتَليني جُرْمُكُمْ:
بنحيبِ ثكْلى دمعُها مِدرارُ
.
بِشُعورِ أرْمَلَةٍ تَمَزَّقَ طِفْلُها
يُتْمًا، وتَثْقُبُ قلبَها الأخطارُ
.
أبكي لأشلاءِ الضحايا كلما
نُسِفتْ بِنَزْوَةِ غَيِّكُمْ أعمارُ
.
وتَخُضُّني السِّكينُ، يَقْطِفُ نَصْلُها
ثَمَرَ الرِّقابِ؛ لِتُجْدِبَ الأوْتارُ
.
يا ليتني إحدى ضحاياكمْ! فكمْ
نَدَمِي بِكمْ مُتعاظمٌ بَتَّارُ
.
لأَشُقَّ صدْرَ براءتي، أسْتَلُّني
منكُمْ، وتُسْفِرَ عنكمُ الأوْزارُ
.
.
لُذْتُمْ بِزيفِ الدينِ يقطينًا على
سَوْآتِكُمْ، لكنَّ … شَفَّ سِتارُ
.
زَيَفٌ تَمَزَّقتِ الشعوبُ بهِ؛ فكمْ
رقَصَتْ على أشلائها الأشفارُ!
.
لمْ تَعْتَلِقْ قِيَمُ السماءِ بِزَيْفِكمْ،
لَفَظَتْكُمُ الأديانُ والأسفارُ
.
اللَّهُ إشعاعُ التسامُحِ، نُورُهُ
بندى التعايُشِ ناضحٌ مِعْطارُ
.
فمتى اصْطفاكُمْ، وارتضاكُمْ ظِلَّهُ
في الأرضِ؛ حتى تُفْسِدوا، وتُجاروا؟!
.
مِنْ أينَ نِلْتُمْ صَكَّ غُفرانٍ، لكم
فيهِ الجِنانُ، ولِلحياةِ النارُ؟!
.
هِيَ نارُكمْ، فيها انْصهارُ ذَوَاتِكُمْ
لَكُمُ الشرابُ، ولنْ يُجيرَ سُعارُ
.
لنْ تصْلِبوا ألَقَ الحياةِ وعُشْبَها
في نارِكُمْ، لنْ يسْكُنَ التيّارُ
.
مُعْشَوْشِبٌ ألقُ الحياةِ فُتُوَّةً،
وتَفَتُّقًا للمستحيلِ مسارُ
***