غصنٌ من دمعِ "قابيل"

غصنٌ من دمعِ “قابيل”

غصنٌ من دمعِ “قابيل”

د. عبده منصور المحمودي

إلى أحفادِ “قابيل” المعاصرين مقامٌ من أنينه:

نَبَتَتْ لِتأْوِيْلاتِكمْ أظْفارُ،

واسْتَذْأَبَتْ أقصى النُّهى الأفكارُ

.

فالموتُ دسْتورٌ يُؤَدْلِجُ شَرَّكُمْ،

ولهُ تُؤَبْجَدُ فيكمُ الأدوارُ

.

كمْ تحْتَسونَ نبيذَ نشْوَتِكمْ دمًا!

كمْ مُهْجةً يَغْتالُها العَصَّارُ!

.

عنِّي توارَثْتُمْ جريمَتَكمْ، ولمْ

تَرِثوا أسى التأنيبِ، لم تحتاروا

.

فأخي قَتَلْتُ بِغِيْرةٍ بَسَطَتْ يدي

نحوي، بها قَتَلَتْنيَ الأقدارُ:

.

ندمًا، تَغَوَّلَ فيهِ ليليْ حَيْرةً،

وطواهُ مِنْ لحدِ الغُرابِ نَهارُ

.

أنْتُمْ ذَبحْتُمْ عِبْرتي؛ فَتَحَلَّلَتْ

زهْوًا تَهُزُّهُ فيكمُ الأغوارُ

.

قُربانُكُمْ للَّهِ معْصِيَتي التي

عنهُ نأى بيْ دربُها المُنْهارُ

.

أذكى الجمالُ غوايتي؛ فتَمَرَّدَتْ،

والقُبحُ فيكُمْ للفُجورِ شِعارُ

.

نَفَخَ الغُرابُ الحُزنَ توبةَ حَسْرتي،

فيكمْ تمادى الكِبْرُ والإصرارُ

.

.

مِنْ كُلِّ أرْضٍ تَسْفكونَ نقاءَها،

صَعَقتْ رُفاتي عنْكُمُ الأخبارُ

.

في قِعْرِ صمتي يبْتَليني جُرْمُكُمْ:

بنحيبِ ثكْلى دمعُها مِدرارُ

.

بِشُعورِ أرْمَلَةٍ تَمَزَّقَ طِفْلُها

يُتْمًا، وتَثْقُبُ قلبَها الأخطارُ

.

أبكي لأشلاءِ الضحايا كلما

نُسِفتْ بِنَزْوَةِ غَيِّكُمْ أعمارُ

.

وتَخُضُّني السِّكينُ، يَقْطِفُ نَصْلُها

ثَمَرَ الرِّقابِ؛ لِتُجْدِبَ الأوْتارُ

.

يا ليتني إحدى ضحاياكمْ! فكمْ

نَدَمِي بِكمْ مُتعاظمٌ بَتَّارُ

.

لأَشُقَّ صدْرَ براءتي، أسْتَلُّني

منكُمْ، وتُسْفِرَ عنكمُ الأوْزارُ

.

.

لُذْتُمْ بِزيفِ الدينِ يقطينًا على

سَوْآتِكُمْ، لكنَّ … شَفَّ سِتارُ

.

زَيَفٌ تَمَزَّقتِ الشعوبُ بهِ؛ فكمْ

رقَصَتْ على أشلائها الأشفارُ!

.

لمْ تَعْتَلِقْ قِيَمُ السماءِ بِزَيْفِكمْ،

لَفَظَتْكُمُ الأديانُ والأسفارُ

.

اللَّهُ إشعاعُ التسامُحِ، نُورُهُ

بندى التعايُشِ ناضحٌ مِعْطارُ

.

فمتى اصْطفاكُمْ، وارتضاكُمْ ظِلَّهُ

في الأرضِ؛ حتى تُفْسِدوا، وتُجاروا؟!

.

مِنْ أينَ نِلْتُمْ صَكَّ غُفرانٍ، لكم

فيهِ الجِنانُ، ولِلحياةِ النارُ؟!

.

هِيَ نارُكمْ، فيها انْصهارُ ذَوَاتِكُمْ

لَكُمُ الشرابُ، ولنْ يُجيرَ سُعارُ

.

لنْ تصْلِبوا ألَقَ الحياةِ وعُشْبَها

في نارِكُمْ، لنْ يسْكُنَ التيّارُ

.

مُعْشَوْشِبٌ ألقُ الحياةِ فُتُوَّةً،

وتَفَتُّقًا للمستحيلِ مسارُ

***